|
الاحتيال العالمي: العملات المشفرة

تحولت العملات المشفرة طوال الثلاثة عشر عامًا الأخيرة من اقتراح تكنولوجي للتعامل في سوق متخصص للمدفوعات بين النظائر إلى تمويل افتراضي غير ملموس وغير مضمون. وكان ذلك معاكسًا للغاية التي ظهرت من أجلها هذه العملات التي يتم تداولها من قبل ملايين المستخدمين حول العالم.

إن الذين يتابعون هذه الزاوية في صحيفتنا يعلمون جيدًا أننا كتبنا العديد من المقالات حول العملات المشفرة في العامين الأخيرين، وأوضحنا كنهها والنتائج المحتملة عن تداولها. أما في مقالي لهذا الأسبوع فسوف أحدثكم باختصار عن موضوع مهم.

تعلمون أن عملة البيتكوين هي أكبر العملات المشفرة من حيث قيمتها في السوق، وبات اسم هذه العملة معروفًا حتى من قبل ربات المنازل اللواتي لا شأن لهن بأسواق العملات والأموال. وقد بدأ تداول هذه العملة في سنة 2009، بعد اختراعها من قبل شخص أو مجموعة أشخاص مجهولي الهوية عُرفوا باسم "ساتوشي ناكاموتو" في سنة 2008.

وقد ارتفع سعر البيتكوين من دولار واحد في شباط/فبراير 2011 إلى 69 ألف دولار أمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، في حين ارتفع عدد العملات المشفرة على الصعيد العالمي من 5 ملايين في سنة 2016 إلى أكثر من 220 مليون في حزيران/يونيو 2021.

ارتفع سعر البيتكوين من 1 دولار في فبراير 2011 إلى 69 ألف دولار في نوفمبر 2021. على الصعيد العالمي ، من المقدر أن يتجاوز عدد العملات المشفرة 220 مليون في يونيو 2021 ، من 5 ملايين في سنة 2016.

ثمة 3 مهام أساسية للمال، وهي: الاحتفاظ بالقيمة، ومقياس القيمة، والتغيير؛ ولكن في عالمنا الحديث تُضاف مهام أخرى إلى المهام السابقة، وهي: التحفيز على الأنشطة الثقافية، وإعادة توزيع الدخل، واستخدام المال وسيلةً لبسط النفوذ.

وإلى يومنا هذا كان تقلب أسعار العملات المشفرة سببًا في عدم استخدامها على نطاق واسع في الدفع. وهذا التقلب يحول أيضًا دون تحديد سعر ثابت لإحدى العملات المشفرة، كما يحول دون اعتبار إحدى هذه العملات مقياسًا لتقييم التحركات في الاقتصاد الحقيقي. وإضافةً إلى ذلك فإن نظام العملات المشفرة ذاتي المرجع، ولا علاقة له باستثمارات العالم الحقيقي، ولذلك يبدو واضحًا أن العملات المشفرة لا يمكنها أداء المهام الأساسية للمال.

الآن سألفت عنايتكم إلى دراسة أعدَّها "بنك التسويات الدولية"، فقد توصلت هذه الدراسة إلى أن الزيادة في سعر البيتكوين مرهونة بزيادة عدد المستخدمين الجدد أي ظهور مستثمرين جدد، وهذه المعادلة الإيجابية تحافظ على فعاليتها حتى عندما يتم التحكم في الظروف العامة للسوق المالية، والعوامل المؤثرة الأخرى كظروف البلد. حتى إن حالة الغموض والتقلب التي يشهدها العالم ما زالت تشكل أحد أهم العوامل التي تسهم في ارتفاع سعر البيتكوين، وهذا يناقض التصريحات التي تشير إلى أن البيتكوين ملاذ آمن للاستثمار.

وكذلك عند التحكم بالمتغيرات التي تشكل الجودة المؤسساتية أو التطور الاقتصادي إلى جانب الثقة، يستمر سعر البيتكوين بالحفاظ على تأثيره الاقتصادي والإحصائي من خلال أعداد المستخدمين الجدد الذي يمثلون العامل الأبرز في ذلك.

في المقابل لدى التحليل الديمغرافي لمستخدمي التطبيق، تبين أن 40% من منهم من الرجال الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، ويتم وصفهم عمومًا بأنهم أكثر الشرائح بحثًا عن المخاطر. وقد تبين أن هولاء المستخدمين أكثر حساسية تجاه التغيرات في سعر البيتكوين مقارنة بالإناث وكبار السن من الرجال؛ كما تبين أن مستخدمي نظام الأندرويد -الذين يُعد مستوى دخلهم أقل من مستخدمي نظام الآيفون- هم أكثرُ حساسيةً تجاه السعر مقارنة بمستخدمي نظام الآيفون.

وعند النظر في النتائج بشكل عام تبين أن استخدام العملات المشفرة في السنوات الأولى كان عبارة عن مضاربة، وكان ثمة ميل إلى استخدام العملات المشفرة بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار، ولم يكن ذلك ناجمًا عن عدم الارتياح من البنوك التقليدية، أو الرغبة في الادخار، ولا بسبب فقدان الثقة في المؤسسات العامة.

عندما قرأت الدراسة بأكملها، لم أتمكن من رؤية أية نتيجة معاكسة لتوقعاتنا التي حاولنا إيضاحها في هذه الزاوية منذ عدة سنوات. أنا لا أرى سوق العملات المشفرة مجرد مضاربة فحسب، بل أراها مرتعًا للألاعيب والاحتيالات، وهي أشبه بجنون عصر التوليب.

وبالمناسبة كانت منصة "بلوك في" لإقراض الأصول الرقمية قد أعربت عن استعدادها لإعلان إفلاسها بعد أن أعلنت بورصة "إف تي إكس" للعملات المشفرة إفلاسها منذ أسابيع قليلة. لذا علينا أن ننبِّه إخواننا ولا سيما الذين هم دون الخامسة والثلاثين من العمر، ونرجو منهم أن يكونوا حذرين، وألا يخسروا ما ادخروه لمصالحهم الشخصية والوطنية أمام الاحتيال العالمي. وأنوه اخيرًا بأن العملية الرقمية الوطنية تختلف تمامًا عن العملات المشفرة.

#العملات المشفرة
#صرف العملات
٪d سنوات قبل
الاحتيال العالمي: العملات المشفرة
هل تشعرون بالقلق تجاه الديمقراطية الأمريكية؟
بؤس الصهيونية ونهايتها الحتمية
التعرف والتحاور والكفاح
مرآة غزة دمرت كل الألاعيب وجعلت أبناء الغرب ينتفضون
ما الذي جعل إسبانيا وأيرلندا والنرويج تتقدم خطوة إلى الأمام؟